كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والإنسان المفروض وهو الإنسان الفطري الأولى تقريبا لما لم يشتغل إلا بأبسط أسباب المعيشة لم يشغل ذهنه ما يشغل ذهن الإنسان المدنى الحضرى الذي أحاطت به هذه الاشغال الكثيرة الطبيعية الخارجة عن الحد والحصر التي لا فراغ له عنها ولو لحظة، ولذلك كان الإنسان المفروض في فراغ من الفكر وخلاء من الذهن، والحوادث الجمة السماوية والارضية الكونية محيطة به من غير أن يعرف أسبابها الطبيعية فلذلك كان ذهنه أشد استعدادا للانتقال إلى سببها الذي هو اعلى من الأسباب الطبيعية وهو الذي يتنبه له الإنسان الحضرى بعد الفراغ عن إحصاء الأسباب الطبيعية لحوادث الكون فوق هذه الأسباب لو وجد فراغا، ولذا كان الاسبق إلى ذهن هذا الإنسان المفروض هو الانتقال إلى هذا السبب الأعلى لو شاهد من الناس الحضريين الاشتغال به والتنسك والعبادة له.
ومن الشواهد على هذا الذي ذكرنا ما نجد أن الاشتغال بالمراسم الدينية والبحث عن اللاهوت في آسيا أكثر رواجا وأغلى قدرا منه في أوروبا، وفي القرى والبلاد الصغيرة أحكم موقعا منه في البلاد العظيمة وعلى هذه النسبة في البلاد العظيمة والسواد الأعظم لما أن المجتمع كلما اتسع نطاقه زادت فيه الحوائج الحيوية، وكثرت وتراكمت الاشغال الإنسانية فلم تدع للإنسان فراغا تستريح فيه نفسه إلى معنوياتها وتتوجه إلى البحث عن مبدئها ومعادها.
وبالجملة إذا راجعنا قصة إبراهيم عليه السلام المودعة في هذه الآيات وما يناظرها من آيات سورة مريم والانبياء والصافات وغيرها وجدنا حاله عليه السلام فيما يحاج به أباه وقومه أشبه شيء بحال الإنسان البسيط المفروض نجده يسأل عن الأصنام ويباحث القوم في شأنها ويتكلم في أمر الكوكب والقمر والشمس سؤاله من لا عهد له بما يصنعه الناس وخاصة قومه الوثنيون في الأصنام يقول لأبيه وقومه: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} [الأنبياء: 52] ويقول لأبيه وقومه: {ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون} [الشعراء: 74].
فهذا كلام من لم ير صنما ولم يشاهد وثنيا يعبد صنما وقد كان عليه السلام في مهد الوثنية وهو بابل كلدان، وقد عاش بينهم برهة من الزمان فهل كان مثل هذا التعبير منه عليه السلام: {ما هذه التماثيل} تحقيرا للأصنام وإيماء إلى أنه لا يضعها الموضع الذي يضعها عليه الناس ولا يقر لها بما أقروا به من القداسة والفضل كأنه لا يعرفها كقول فرعون لموسى عليه السلام.
{وما رب العالمين} [الشعراء: 23] وقول كفار مكة للنبى صلى الله عليه وآله فيما حكى الله تعالى: {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون} [الأنبياء: 36].
لكن يبعده أن إبراهيم عليه السلام ما كان يستعمل في خطاب أبيه آزر إلا جميل الأدب حتى إذا طرده أبوه وهدده بالرجم قال له إبراهيم: {سلام عليك سأستغفر لك ربى إنه كان بى حفيا} [مريم: 47].
فمن المستبعد أن يلقى إليه أول ما يواجهه من الكلام ما يتضمن تحقير شأن آلهته المقدسة عنده في لحن التشويه والإهانة فيثير به عصبيته ونزعته الوثنية، وقد نهى الله سبحانه في هذالمله التي هي ملة إبراهيم حنيفا عن سب آلهة المشركين لئلا يثير ذلك منهم ميواجهون المسلمين بمثله قال تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبو الله عدوا بغير علم} [الأنعام: 108].
ثم إنه عليه السلام بعد الفراغ مما حاج به أباه آزر وقومه في أمر الأصنام يشتغل بأربابها وهى الكوكب والقمر والشمس فيقول لما رأى كوكبا: {هذا ربى} ثم يقول لما رأى القمر بازغا: {هذا ربى} ثم يقول لما رأى الشمس بازغة: {هذا ربى هذا أكبر} وهذه التعبيرات أيضا تعبير من كأنه لم ير كوكبا ولا قمرا ولا شمسا، وأوضح التعبيرات دلالة على هذا المعنى قوله عليه السلام في الشمس: هذا ربى هذا أكبر فإن هذا كلام من لا يعرف ما هي الشمس وما هما القمر والكوكب غير أنه يجد الناس يخضعون لها ويعبدونها ويقربون لها القرابين كما يرويه التاريخ عن أهل بابل، وهذا كما إذا رأيت شبح إنسان لا تدرى أرجل هو أو امراة تسأل وتقول: من هذا؟ تريد الشخص لانك لا تعلم منه أزيد من أنه شخص إنسان فيقال: امرأة فلان أو هو فلان وإذا رأيت شبحا لا تدرى إنسان هو أو حيوان أو جماد تقول ما هذا؟ تريد الشبح أو المشار إليه إذ لا علم لك من حاله إلا بأنه شيء جسماني أيا ما كان فيقال لك هذا زيد أو هذه امرأة فلان أو هو شاخص كذا ففى جميع ذلك تراعى- وأنت جاهل بالأمر- من شأن أولى العقل وغيره والذكورية والانوثية مقدار ما لك به علم، وأما المجيب العالم بحقيقة الحال فعليه أن يراعى الحقيقة.
فظاهر قوله عليه السلام: هذا ربى وقوله: {هذا ربى هذا أكبر} أنه ما كان يعرف من حال الشمس إلا أنه شيء طالع أكبر من القمر والكوكب يقصده الناس بالعبادة والنسك والإشارة إلى مثل هذا المعلوم إنما هو بلفظة {هذا} بلا ريب، وأما أنها شمس أي جرم أو صفحة نورانية تدبر العالم الارضى بضوئها وترسم الليل والنهار بسيرها بحسب ظاهر الحس أو أنه قمر أو كوكب يطلع كل ليلة من أفق الشرق ويغيب فيما يقابله من الغرب فلم يكن يعرف ذلك على ما يشعر به هذا الكلام، ولو كان يعرف ذلك لقال في الشمس: هذه ربى هذه أكبر أو قال: إنها ربى إنها أكبر كما راعى هذه النكتة بعد ذلك فيما حاج الملك نمرود وقد كان يعرفها اليوم: {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب} [البقرة: 258] فلم يقل: فأت به من المغرب.
وكما قال لأبيه وقومه على ما حكى الله: {ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون} [الشعراء: 74] فبدأ يسأل عن معبودهم بلفظة {ما} إذ لا علم له عندئذ بشئ من حاله إلا أنه شيء ثم لما ذكروا الأصنام وهم لا يعتقدون لها شيئا من الشعور والإرادة قالوا: {فنظل لها} بالتأنيث، ثم لما سمع الوهيتها منهم ومن الواجب أن يتصف الإله بالنفع والضرر والسمع لدعوة من يدعوه عبر عنها تعبيرا اولى العقل، ثم لما ذكروا له في قصة كسر الأصنام: {لقد علمت ما هؤلاء ينطقون} حذاء قوله: {فسألوهم إن كانوا ينطقون} سلب عنها شأن اولى العقل فقال: {أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون} [الأنبياء: 67].
ولا يسعنا أن نتعسف فنقول إنه عليه السلام أراد بقوله: {هذا ربى هذا أكبر} الجرم أو المشار إليه أو انه روعى في ذلك حال لغته التي تكلم بها وهى السريانية ليس يراعى فيها التأنيث كاغلب اللغات العجمية فإن ذلك تحكم، على انه عليه السلام قال للملك في خصوص الشمس بعينها: {فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب} [البقره: 258] فلم يحك القرآن ما لهج به بالوصف الذي في لغته فما بال هذا المورد {هذا ربى هذا اكبر} اختص بهذه الحكاية.
بيان ونظير السؤال آت في قوله يسأل قومه عن شان الأصنام: {ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون} [الأنبياء: 52] وكذا قوله في دعائه: {واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس} [إبراهيم: 36].
وكذا لا يسعنا القول بأنه عليه السلام في تذكيره الإشارة إلى الشمس صان الإله عن وصمة الأنوثية تعظيما أو أن الكلام من باب إتباع المبتدأ للخبر الذي هو مذكر أعنى قوله: ربى، وقوله: {أكبر} فكل ذلك تحكم لا دليل عليه، وسيجئ تفصيل البحث فيها.
والحاصل أن الذي حكاه الله تعالى في هذه الآيات وما يناظرها من قول إبراهيم عليه السلام لأبيه وقومه في توحيده تعالى ونفى الشريك عنه كلام يدل بسياقه على أنه عليه السلام إنما عاش قبل ذلك في معزل من الجو الذي كان يعيش فيه أبوه وقومه ولم يكن يعرف ما يعرفه معاشر المجتمعين من تفاصيل شئون أجزاء الكون والسنن الاجتماعية الدائرة بين الناس المجتمعين، وأنه كان إذ ذاك في أوائل زمن رشده وتمييزه ترك معزله ولحق بأبيه، ووجد عنده أصناما فسأله عن شأنها فلما أوقفه على ذلك شاجره في الوهيتها وألزمه الحجة، ثم حاج قومه في أمر الأصنام فبكتهم، ثم رجع إلى عبادتهم لارباب الأصنام من الكوكب والقمر والشمس فجاراهم في افتراض ربوبيتها الواحد، منها بعدالواحد ولم يزل يراقب أمرها، وكلما غرب واحد منها رفضه وأبطل ربوبيته وافترض ربوبية غيره مما يعبدونه حتى أتى في يومه وليلته على آخرها على ما هو ظاهر الآيات، ثم عاد إلى التوحيد الخالص بقوله: {إنى وجهت وجهى للذى فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} وكأنه تم له ذلك في يومين وليلة بينهما تقريبا على ما سنبين إن شاء الله تعالى.
وكان عليه السلام على بصيرة من أن للعالم خالقا فاطرا للسماوات والأرض هو الله وحده لا شريك له في ذلك، وإنما يبحث عن أنه هل للناس ومنهم إبراهيم نفسه رب غير الله هو بعض خلقه كشمس أو قمر أو غيرها يربهم ويدبر أمرهم ويشارك الله في أمره أو أنه لا رب لهم غير الله سبحانه وحده لا شريك له.
وفي جميع هذه المراحل التي طواها كان الله سبحانه يمده ويسدده بإراءته ملكوت السماوات والأرض وعطف نفسه الشريفة إلى الجهة التي ينتسب منها الأشياء إلى الله سبحانه خلقا وتدبيرا فكان إذا رأى شيئا رآى انتسابه إلى الله وتكوينه وتدبيره بأمره قبل أن يرى نفسيته وآثار نفسيته كما هو ظاهر سياق: {قوله وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض} الآية، وقوله في ذيل الآيات: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم} الآية، وقوله: {ولقدآتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} [الأنبياء: 51].
وقول إبراهيم لأبيه فيما حكى الله تعالى: {يا أبت إنى قد جاءني من العلم ما يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا} [مريم: 43] إلى غير ذلك من الآيات.
ثم حاج الملك نمرود في دعواه الربوبية على ما كان ذلك من دأب كثير من جبابرة السلف ومن نظائر ذلك نشأت الوثنية وكانت لقومه آلهة كثيرة لها أصنام يعبدونها، وفيهم من كان يعبد أرباب الأصنام كالشمس والقمر والكوكب الذي ذكره القرآن الكريم ولعله الزهرة.
هذا ملخص ما يستفاد من الآيات الكريمة وسنبحث عن مضامينها تفصيلا بحسب ما نستطيعه إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} القراءات السبع في آزر بالفتح فيكون عطف بيان أو بدلا من أبيه وفي بعض القراءات {آزر} بالضم وظاهره أنه منادى مرفوع بالنداء، والتقدير: يا آزر أتتخذ أصناما آلهة، وقد عد من القراءات (أأزرا) تتخذ مفتتحا بهمزه الاستفهام، وبعده (أزرا) بالنصب مصدر أزر يأزر بمعنى قوى والمعنى: وإذ قال إبراهيم لأبيه أتتخذ أصناما للتقوى والاعتضاد.
وقد اختلف المفسرون على القراءة الأولى المشهورة والثانية الشاذة في (آزر) أنه اسم علم لأبيه أو لقب أريد بمعناه المدح أو الذم بمعنى المعتضد أو بمعنى الاعرج أو المعوج أو غير ذلك ومنشا ذلك ما ورد في عدة روايات أن اسم أبيه (تارح) بالحاء المهملة أو المعجمة ويؤيده ما ضبطه التاريخ من اسم أبيه، وما وقع في التوراة الموجودة أنه عليه السلام ابن تارخ.
كما اختلفوا أن المراد بالأب هو الوالد أو العم أو الجد الأمي أو الكبير المطاع ومنشأ ذلك أيضا اختلاف الروايات فمنها ما يتضمن أنه كان والده وأن إبراهيم عليه السلام سيشفع له يوم القيامة ولكن لا يشفع بل يمسخه الله ضبعا منتنا فيتبرا منه إبراهيم، ومنها ما يدل على أنه لم يكن والده، وأن والده كان موحدا غير مشرك، وما يدل على أن آباء النبي صلى الله عليه وآله كانوا جميعا موحدين غير مشركين إلى غير ذلك من الروايات، وقد اختلفت في سائر ما قص من أمر إبراهيم اختلافا عجيبا حتى اشتمل بعضها على نظائر ما ينبسه إليه العهد العتيق مما تنزهه عنه الخلة الإلهية والنبوة والرسالة.
وقد أطالوا هذا النمط من البحث حتى انجر إلى غايات بعيدة تغيب عندها رسوم البحث التفسيرى الذي يستنطق الآيات الكريمة عن مقاصدها عن نظر الباحث، وعلى من يريد الاطلاع على ذلك ان يراجع مفصلات التفاسير وكتب التفسير بالمأثور.
والذى يهدى إليه التدبر في الآيات المتعرضة لقصصه عليه السلام أنه عليه السلام في أول ما عاشر قومه بدأ بشأن رجل يذكر القرآن أنه كان أباه آزر، وقد أصر عليه ان يرفض الأصنام ويتبعه في دين التوحيد فيهديه حتى طرده أبوه عن نفسه وأمره ان يهجره قال تعالى: {واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا ابت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا يا أبت إنى قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا} إلى أن قال: {قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لارجمنك واهجرني مليا} [مريم: 46] فسلم عليه إبراهيم ووعده أن يستغفر له، ولعله كان طمعا منه في إيمانه وتطميعا له في السعادة والهدى قال تعالى: {قال سلام عليك سأستغفر لك ربى إنه كان بى حفيا واعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربى عسى أن لا أكون بدعاء ربى شقيا} [مريم: 48] والآية الثانية احسن قرينة على أنه عليه السلام إنما وعده أن يستغفر له في الدنيا لا ان يشفع له يوم القيامة وإن بقى كافرا أو بشرط ان لا يعلم بكفره.
ثم حكى الله سبحانه إنجازه عليه السلام لوعده هذا واستغفاره لأبيه في قوله: {رب هب لى حكما وألحقني بالصالحين واجعل لى لسان صدق في الاخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم واغفر لابي إنه كان من الضالين ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} [الشعراء: 89] وقوله: {إنه كان من الضالين} يدل على أنه عليه السلام إنما دعا بهذا الدعاء لأبيه بعد موته أو بعد مفارقته أياه وهجره له لمكان قوله: {كان} وذيل كلامه المحكى في الآيات يدل على أنه كان صورة دعاء أتى بها للخروج عن عهدة ما وعده وتعهد له فإنه عليه السلام يقول: اغفر لهذا الضال يوم القيامة ثم يصف يوم القيامة بأنه لا ينفع فيه شيء إلا القلب السليم.
وقد كشف الله سبحانه عن هذه الحقيقة بقوله- وهو في صورة الاعتذار: {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم} [التوبة: 114] والآية بسياقها تشهد على أن هذا الدعاء إنما صدر منه عليه السلام في الدنيا وكذلك التبرى منه لا أنه سيدعو له ثم يتبرا منه يوم القيامة فإن السياق سياق التكليف التحريمي العام وقد استثنى منه دعاء إبراهيم، وبين أنه كان في الحقيقة وفاء منه عليه السلام بما وعده، ولا معنى لاستثناء ما سيقع مثلا يوم القيامة عن حكم تكليفي مشروع في الدنيا ثم ذكر التبرى يوم القيامة.